البِرُّ هو الإحسان فهو الذي لا يزال عباده يتذوقون في كل لحظة من لحظات حياتهم ألوانا من بره بهم وإحسانه إليهم , فيتقلبون في نعمه ويأكلون من رزقه , ويرون أفاضله في أبدانهم وأهليهم وأموالهم فهذا لون من بره بعباده .
ولون آخر تولى ببره ورحمته أناسا من عليهم مع لك بنعم أخرى ما أعطاها لكثير من خلقه فحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم ،وتولاهم بولايته وأحاطهم بعنايته فشرح صدورهم لطاعته وأوزعهم شكر نعمته فأصبحوا شاكرين وأمسوا مشفقين من عذاب ربهم إلى أن بعثهم ربهم فرأوا بأعينهم جهنم التي أقسم الرب أن الخلق كلهم ليردونها أجمعين والتي لم تغب عن أذهانهم طيلة حياتهم ولم تفتر ألسنتهم يسألون ربهم أن يصرف عنهم عذابها فهاهم اليوم يمرون فوقها ولا يزالون مشفقين من عذابها ويزداد خوفهم من عذابها حين أبصروا بأعين رؤوسهم إلى من تخطفهم النار بكلاليبها فيكردسون في النار فينجيهم منها بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون برا بهم ولطفا ورحمة فتنطق ألسنتهم مثنية على ربها{فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} وما منّ عليهم هناك إلا لما منّ عليهم هنا في الدنيا بمباعدتهم عما يوجب دخلوها .
بل بلغ بر الرب بأوليائه في الدنيا أن لو أقسم عليه أحدهم للبى له طلبه وما حنثه في يمينه
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ) [رواه مسلم] .
كما أن البر عز وجل هو الصادق في وعده الذي يتجاوز عن عبده وينصره ويحميه ، ويقبل القليل منه وينميه.
أثار الإيمان به :
منها : أن المؤمن مع ما يرى من منة البر سبحانه عليه وكثرة فضائله لديه إلا أن ذلك لا يؤمنه من عذابه , ولا يقطع عليه الوعد أنه من الناجين من النار بل يشفق أن يكون من أهلها.
ومنها : الدعاء بهذا الاسم كما في قول الله تعالى (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ{
ومنها : أن الله كما أنه تسمى بالبر فهو الذي يأمر بالبر ويحب البررة .
ومن أعظم البر الذي حث الله عليه عبيده , و أحب العمل إليه بعد الصلاة وأعظم الصالحات وسيلة عنده بر العبد بوالديه ومن أراد بر ربه به فليقم علاقته مع والديه على ما يرضي ربه عنه فرضاه في رضاهما وسخطه في سخطهما
كما ويسعى جاهدا أن تكون أعماله كلها مبرورة فهذا الذي يزكي له عمله ويضاعف له أجره فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
ولن يبلغ العبد ذلك إلا إذا تضرع إلى ربه أن ينيله الله البر ويرزقه إياه ....