بسم الله الرحمن الرحيم
من أوجه الإعجاز العلمي في الآية
(... واغضض من صوتك ...) أي: خفضه إلي مستوي الحاجة حتى لا يكون في ذلك شيء من الرعونة وسوء الأدب، والإساءة إلي مسامع الآخرين،
(... إن أنكر الأصوات لصوت الحمير *) أي: إن أقبح الأصوات صوت نهيق الحمير لهو لما فيه من العلو المفرط عند ممارسة عملية التنفس الشهيق من والزفير، وذلك من الفزع الذي ينتاب تلك الحيوانات عند رؤيتها للشياطين. وفي ذلك يروي النسائي عن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنها رأت شيطانا" (البخاري، مسلم، الترمذي ( .
وقد ثبت بالقياس أن لصوت نهيق الحمار شده تقدر بما يتجاوز المائة ديسيبل، وأن كثرة تعرض الإنسان لهذا الصوت الشديد قد يصيب أذنيه بالصمم، ويصيب صاحبهما بالعديد من الأمراض العصبية والبدنية .
ولذلك وضعت جداول لتحديد أقصي مدة يمكن أن يتعرض لها الانسان تحت شده معينة من الأصوات. فإذا وصلت شدة الصوت إلي (45) ديسيبل لا يستطيع الفرد العادي أن ينام في هدوء. وعند (85) ديسيبل تبدأ آلام الأذنين، فإذا وصلت شدة الصوت إلي (90) ديسيبل لا يستطيع الإنسان أن يتحمل ذلك لأكثر من ثماني ساعات. فإذا زادت إلي (100) ديسيبل فإن هذه المدة تتناقص إلي ساعتين فقط، وإذا وصلت إلي (110) ديسيبل تناقصت مدة سلامة الإنسان إلي نصف ساعة فقط. أما إذا وصلت شدة الصوت إلي (160) ديسيبل فإن الإنسان يصاب بالصمم التام. وإذا كان نهيق الحمار يتعدي في شدته مائة ديسيبل، فإنه يعتبر من أشد الأصوات إيذاء لأذن الانسان، وهنا تتضح لمحة الإعجاز العلمي في هذا التقرير القرآني الكريم .
والغض من الصوت هو من سمات الأدب، والتواضع، والثقة بالنفس، والاطمئنان إلي صدق الحديث، وصدق القصد. أما رفع الصوت بغير داع، والإغلاظ في القول للآخرين بغير مبرر، فكلها من مظاهر ضعف الشخصية، وسوء الأدب مع الغير، وقلة الثقة بالنفس. كما أنها من علامات الادعاء والكذب، ومن محاولات فرض الرأي الخاطئ بالقوة عن طريق رفع الصوت في شيء من الحدة والغلظة غير المبررة .
ته في الأسواق " .