*تناسب خواتيم الطلاق مع فواتح التحريم*
سورة الطلاق هي في الطلاق، وفي التحريم قال (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5)) كأنما هي استكمال للآيات الواردة قبلها في سورة الطلاق. في خاتمة الطلاق (لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)) وفي التحريم (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)) نبّأ الرسول r بما حدث.
**هدف السورة**
دور الأسرة في قضية الإنماء دور هام وعظيم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) آية 6 فالأسرة محور أساسي في ترابط المجتمع وبدونها يتفكك ولا يوجد انتماء والمرأة لها دور أساسي في كل هذا لأنها هي التي تربي الأجيال وتؤثر على أفراد المجتمع وهي مصنع الرجال. وقد ضرب لنا القرآن الكريم أمثلة عن نماذج نساء نجحوا في انتمائهم كامرأة فرعون ومريم بنت عمران (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ) آية 11 و 12 وأخريات فشلوا في هذا الإنتماء للدين واختاروا غيره فنالوا عقابهم (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) آية 10. فالإنتماء مسألة هوية وآن لنا أن ننتمي للدين وللأمّة الإسلام****تناسب فواتح سورة التحريم مع خواتيمها****
بدأت السورة بالكلام عن أزواج النبي (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (3)) بدأت بالحديث عن أزواج النبي وأنه أسر لأحداهن ونبأت به وحذّرهما، وختم الكلام على امرأتين من أزواج الأنبياء السابقين عصتا ربهما امرأة نوح وامرأة لوط (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)) ثم ذكر امرأتين صالحتين امرأة فرعون ومريم بنت عمران. في البداية والحتام الكلام على النساء وطاعتهن. في البداية بدأ الكلام على نساء النبي r وانتهى الحديث عن النساء أيضاً وذكر نماذج وذكر تحذير أنه كونها زوجة نبي لا ينفعها مثل زوجة نوح (فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا) لا تقل إحداهن أنا أمرأة نبي هذا تحذير وكأنها رسالة إلى نساء النبي r أن انتبهوا. فالكلام كله في النساء وطاعة الله، العلاقة واضحة بين أزواج النبي r وزوجات الأنبياء السابقين. الخيانة هنا ليست بمعنى المصطلح الحديث الآن وإنما هي بمعنى عدم الإيمان به.
*****
تناسب خواتيم التحريم مع فواتح الملك*
****
في الملك قال (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)) ذكر في آخر التحريم من بلاه فأحسن العمل ومن بلاه فأساء العمل قال في آخر التحريم ذكر من الذين أحسنوا العمل امرأة فرعون وبنت عمران ومن الذين أساءوا امرأة لوط وامرأة نوح إذن هو ذكر صنفين وضرب لنا مثلين لمن أحسن العمل ولمن أساء العمل (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) وضرب مثلين في خاتمة التحريم (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)). البلاء من قِبل الله سبحانه وتعالى لنوعين من الناس بلاهم فقسم أحسن وضرب لنا مثلاً وقسم أساء وضرب لنا مثلاً، هذا تناسب طيب. ذكر في سورة الملك وأعدّ لمن بلاه فأساء فقال (وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7)) ولمن بلاه فأحسن (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12)) وكذلك ذكر في سورة التحريم فيمن أساء وأحسن، فيمن أساء قال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)) وفيمن أحسن قال (يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)) ذكر أيضاً نموذجين في الملك وفي التحريم.