من وجوه إعجازه (أن سامعه لا يمجه وقارئه لا يملة فتلذ له الأسماع وتشغف له القلوب)
فلا تزيده تلاوته إلا حلاوة، ولا ترديده إلا محبة، ولا يزال غضا طريا، وغيره من الكلام - ولو بلغ في الحسن والبلاغة مبلغه - يمل مع الترديد، ويعادى إذا أعيد، لأن إعادة الحديث على القلب أثقل من الحديد، وكتابنا بحمد الله يستلذ به في الخلوات، ويؤنس به في الأزمات، وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك، حتى أحدث لها أصحابها لحونا وطربا يستجلبون بتلك اللحون تنشيطهم على قراءتها، ولهذا وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عبره، ولا تفنى عجائبه، ليس بالهزل، لا يشبع منه العلماء، ولا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، هو الذي لم تنته الجن حين سمعته أن قالوا:
(إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به) .
من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن قسم به أقسط، ومن عمل به أجر، ومن تمسك به هدي إلى صراط مستقيم، ومن طلب الهدى من غيره أضله الله، ومن حكم بغيره قصمه الله، هو الذكر الحكيم، والنور المبين، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، ولا يعوج فيقوم، ولا يزيغ فيستعتب.
ونحوه عن ابن مسعود، وقال فيه: ولا يختلف ولا يتشانأ، فيه نبأ الأولين
والآخرين.
وفي الحديث: قال الله لمحمد عليه الصلاةالسلام: إني منزل عليك توراة حديثة، تفتح به أعينا عميا، وأذنآ صما، وقلوبا غلفا، فيها ينابيع العلم، وفهم الحكمة.
وروى الحاكم في المستدرك قال: عن عبد الله رضى الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا من مأدبته ما استطعتم إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه لا يزيغ فيستعتب ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلق من كثرة الرد اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف ولام وميم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بصالح بن عمر.
وفي الحديث : قال الله تعالى لمحمدعليه الصلاة والسلام ( :إني منزل عليك توراة حديثة ، تفتح بها أعيناً عمياً ، وآذاناً صماً ، وقلوباً غلفاً ، فيها ينابيع العلم ، وفهم الحكمة ، وربيع القلوب .
قلت : أخرجه ابن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية عن هشام عن الاعمش عن مالك بن الحارث عن مغيث بن سمي قال : قال رسول الله (: " أنزلت علي توراة محدثة ، فيها نور الحكمة وينابيع العلم ، لتفتح بها أعينا عميا ، وقلوبا غلفا ، وآذنا صما ، وهي أحدث الكتب بالرحمن.
وأخرجه الدارمي قال :حدثنا عمرو بن عاصم ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن مغيث عن كعب قال :عليكم بالقرآن فإنه فهم العقل ونور الحكمة وينابيع العلم وأحدث الكتب بالرحمن عهدا ، وقال في التوراة يا محمد إني منزل عليك توراة حديثة تفتح فيها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا..
(وعن كعب : عليكم بالقرآن ، فإنه فهم العقول ،ونور الحكمة .
-وقال الله تعالى : ((إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (النمل : 76 )
-وقال :(هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ) (آل عمران : 138 ).