عندما يحكمنا الهوى

بسم الله الرحمن الرحيم



{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }الجاثية

السورة بدأت بالحديث عن القرآن الكريم ويتضمن ذلك الأمر بتعظيم الكتاب والإعتناء به فهو تنزيل من الله العزيز الحكيم ثم توالت الآيات بذكر النعم وآيات الله الكونية وكلها أدلة واضحة على صدق القرآن وصحة ما جاء به ثم قسم الله تعالى الناس إلى قسمين من حيث الانتفاع بآياته
قسم يستدلون بها ويتفكرون بها وينتفعون فيرتفعون

وقسم يسمع آيات الله سماعا تقوم به الحجة عليه ثم يعرض مستكبرًا كأنه لم يسمعها لأنها لم تزك قلبه ولا طهرته ! نسأل الله العافية

وكانت آية بنى إسرائيل المفاجئة لى والمفزعة نسأل الله السلامة

وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ{١٦} وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{١٧}

فلقد آتاهم الله كل هذه النعم فكان مقتضى الحال أن يقوموا بها على أكمل وجه وأن يجتمعوا على الحق الذى بينه الله لهم ولكن انعكس الأمر فعاملوها بعكس ما يجب
{ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ }

آتاهم العلم نعم ! أتتهم الحكمة نعم ! أتتهم دلائل ومعجزات الله نعم ! عاينتها قلوبهم وحواسهم نعم !

سبحان الله فكانت تلك النعم سبب لضلالهم وليس لهدايتهم

نسأل الله السلامة والعافية


والعلاج والنجاة
{ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ{١٨}


فلا عجب أن تأتي الآية المقصودة بالتأمل في سياق تلك الآيات
{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{٢٣}

فمن عرض الله له كل تلك الآيت والدلائل ثم يصر مستكبرا ويتبع هواه استحق من الله تعالى الختم على قلبه نسأل الله السلامة والعافية

ولهذا تختم السورة الكريمة
{ ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ{٣٥} فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{٣٦} وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ{٣٧}